كيف أتعامل مع موقف لا أعرف كيف أتصرف فيه، عندما أرى فتاتين تتشاجران، هل يجب علي التدخل أو منعهما من القتال؟
سؤال
حصل لي موقف لم أعرف كيف أتصرف فيه، فبينما أنا خارج من الدراسة إذ ببنتين تتشاجرتان، وتتقاتلان فلم أعرف هل أتركهن أم أمنعهن من القتال، رغم أن المنع سيتطلب اللمس بشكل قوي لهتين البنتتين؟
ملخص الإجابة
ينبغي عليك أن تدخل لمنع القتال بين الفتاتين إذا كان ذلك ممكناً، ومن الأفضل استخدام الكلام أولاً. إذا لم تعتدنيا، يمكن التدخل جسدياً ولكن بحذر.
الحمد لله .
تضارب النساء وشجارهن بالأيدي منكر يجب إنكاره لمن قدر عليه ؛ لما روى مسلم ( 49 ) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ ) .
فمن رأى امرأتين تتضاربان ، أنكر عليهما باللسان ، فإن لم يستجيبا حجز بينهما بعصا ونحوها ، فإن لم يُجد ذلك فالظاهر جواز أن يحجز بينهما بيده ولو اقتضى ذلك إمساك ذراعيها أو يديها ؛ درءا للمفسدة الأكبر .
ومن قواعد الشريعة أنه يجوز ارتكاب أدنى المفسدتين لدفع أعلاهما . ولهذا جاز تطبيب المرأة عند الحاجة ولو اقتضى ذلك اللمس . ومعلوم أن الشجار قد يفضي إلى تلف عضو أو أعضاء ، ومفسدة ذلك فوق مفسدة النظر أو اللمس .
وقال ابن القيم رحمه الله : " ما حُرِّم سدا للذريعة أبيح للمصلحة الراجحة ، كما أبيحت العرايا من ربا الفضل ، وكما أبيحت ذوات الأسباب من الصلاة بعد الفجر والعصر ، وكما أبيح النظر للخاطب والشاهد والطبيب والمعامل من جملة النظر المحرم ، وكذلك تحريم الذهب والحرير على الرجال حرم لسد ذريعة التشبيه بالنساء الملعون فاعله ، وأبيح منه ما تدعو إليه الحاجة " انتهى من " إعلام الموقعين " ( 2 / 161 ) .
وقال الدكتور محمد صديق البرنو في " موسوعة القواعد الفقهية " ( 8 / 516 ) في شرح قاعدة : " كلّ ما حرّم النّظر إليه حَرُم مَسُّه بطريق الأولى " : " ممّا استثني من مسائل هذه القاعدة :
الطبيب المعالج يجوز له أن يمسّ العضو الّذي يحتاج للعلاج من المرأة والنّظر إليه لكن بقدر الحاجة ، بشرط أن لا يوجد طبيبة أنثى تقوم بذلك العمل .
ومنها : امرأة على وشك الغرق جاز للرّجل الأجنبي عنها مسُّ جسمها وحملها لإنقاذها . لأنّ باب الضّرورات مستثنى " انتهى .
وإذا خشي الرجل على نفسه الفتنة ، أو أن ينجر إلى الحرام ، فإنه يكتفي بالإنكار باللسان ، ويترك الحجز بينهما لأي امرأة مارة في الطريق .
والله أعلم .